معترك الأقران في إعجاز القرآن - ج ٢

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

معترك الأقران في إعجاز القرآن - ج ٢

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


المحقق: علي محمّد البجاوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر العربي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٨٨

بالكسر. «(١) الله أعلم حيث يجعل رسالته» ـ بالفتح. والمشهور أنها لا تتصرف.

وجوّز قوم فى الآية الأخيرة كونها مفعولا على السعة ، قالوا : ولا تكون ظرفا ؛ لأنه تعالى لا يكون فى مكان أعلم منه فى مكان ، ولأنه يعلم نفس المكان المستحق لوضع الرسالة لا شيئا فى المكان ، وعلى هذا فالناصب لها يعلم محذوفا مدلولا بأعلم لا به ، لأن أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به إلا إن أوّلته بعالم.

وقال أبو حيان : الظاهر إقرارها على الظرفية المجازيّة وتضمين أعلم معنى ما يتعدّى إلى الظرف ، فالتّقدير : الله أنفذ علما حيث يجعل ، أى هو نافذ العلم فى هذا الموضع.

__________________

(١) الأنعام : ١٢٤

٨١

حرف الخاء المعجمة

(خلق) : له معنيان : من الخلقة ، ومنه الخالق اسم الله ، والخلاق. وخلق الرجل : كذب. ومنه (١) : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً). واختلاق كذب.

(خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ (٢)) : أى طبع عليها ؛ وهذا تعليل لعدم إيمانهم ؛ وهو عبارة عن إضلالهم ؛ فهو مجاز ، وقيل حقيقة ، وإن القلب كالكف يقبض مع زيادة الضلال إصبعا إصبعا [١١٦ ب] حتى يختم عليه. والأول أظهر.

(خالِدُونَ) : باقون بقاء لا آخر له. وبه سميت الجنة دار الخلد. وكذلك النار. وتعلق المعتزلة بقوله تعالى (٣) : (خالِداً فِيها) : أن العصاة من المؤمنين مخلدون فى النار. وتأولها الأشعرية على أنها فى الكفار.

(خاشِعِينَ) : متواضعين. وقوله تعالى (٤) : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) ؛ أى خفتت ، ويراد به السكون. ومنه (٥) : «و (تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً).

(خير) : ضد الشر ، وله أربعة معان : العمل الصالح ، والمال ؛ ومنه (٦) : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) ؛ والخيرة ، والتفضيل بين شيئين.

(لا خَلاقَ (٧)) : لا نصيب.

(الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ (٨)) : بياض النهار ، (والْخَيْطِ الْأَسْوَدِ (٩)) سواد الليل.

__________________

(١) العنكبوت : ١٧

(٢) البقرة : ٧

(٣) النساء : ١٤

(٤) طه : ١٠٨

(٥) فصلت : ٣٩

(٦) البقرة : ١٨٠

(٧) البقرة : ١٠٢

(٨) البقرة : ١٨٧

(٩) البقرة : ١٨٧

٨٢

(خاوِيَةٌ) : خالية حيث وردت.

(خَبالاً (١)) : فسادا.

(خائِبِينَ) : فاتهم الظّفر.

(خَطَأً) : ضد الصواب. وهو عدم الإصابة ؛ وهو فيمن قتل مؤمنا خطأ بمعنى السهو ؛ كقوله تعالى (٢) : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ). وقد يعبّر به عن الباطل ؛ كقوله تعالى (٣) : (لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) ؛ ففرّق بين الخطأ والنّسيان.

وأما المخطئ فهو المبطل. والخاطئ نقيض العامد. وقيل المخطئ : ما كان فى الدّين خاصة ، والخاطئ ما كان فى غيره. وقيل : هما سواء ، يقال : خطأ وأخطأ بمعنى واحد ؛ قاله أبو عبيدة.

(خليل) : صديق ؛ وهو فعيل من الخلّة ، وهى الصداقة والمودّة.

(خَصِيمٌ (٤)) : جيّد للخصومة.

(خائِنَةٍ (٥)) : مصدر بمعنى الخيانة ، والهاء للمبالغة ؛ كما قالوا : رجل علامة.

(خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) : غبنوها وأهلكوها.

(خَوَّلْناكُمْ (٦)) : ملكناكم من الأموال والأولاد.

(خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي (٧)) ؛ أى قمتم مقامى. والمخاطب بذلك إما القوم

__________________

(١) آل عمران : ١١٨

(٢) الأحزاب : ٥

(٣) البقرة : ٢٨٦

(٤) النحل : ٤ ، وفى البصائر والمفردات : الخصيم : الخصم الكثير المخاصمة.

(٥) المائدة : ١٣

(٦) الأنعام : ٩٤

(٧) الأعراف : ١٥٠

٨٣

الذين عبدوا العجل مع السامرىّ فى غيبة موسى عنهم ، أو رؤساء بنى إسرائيل ؛ كهارون عليه‌السلام حيث لم يكفّر الذين عبدوا العجل.

(خالفين (١)) : متخلّفين عن القوم الذاهبين إلى الجهاد. وأما قوله تعالى (٢) : (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) ؛ أى مع النساء والصبيان.

(خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ (٣)) ؛ أى اختلقوا وزوّروا ، والبنين : قول النصارى فى المسيح ، واليهود فى عزيز. والبنات قول العرب فى الملائكة. وإنما قرأه ابن عباس بالتشديد مبالغة فى قولهم ذلك مرة بعد أخرى.

(خَلائِفَ الْأَرْضِ (٤)) : يخلف بعضهم بعضا فى سكناها ، واحدهم خليفة.

(خاطِئِينَ) : قال أبو عبيدة : خطأ وأخطأ بمعنى. وقيل أخطأ فى كل شىء إذا سلك سبيلا خطأ عامدا وغير عامد.

(خَطْبُكُنَ (٥)) : أمركن ؛ والضمير للنسوة التى جمعهنّ الملك وامرأة العزيز معهنّ ، فسألهن عن قصة يوسف ، وأسند المراودة إلى جميعهن ؛ لأنه لم يكن عنده علم بأنّ امرأة العزيز هى التى راودته وحدها.

(خَلَصُوا نَجِيًّا (٦)) : أى انفردوا عن غيرهم يناجى بعضهم بعضا ، والنّجيّ يكون بمعنى المنادى مصدرا.

(خَرُّوا لَهُ سُجَّداً) : كان السجود عندهم تحية وكرامة لا عبادة.

(خَبَتْ (٧) زِدْناهُمْ سَعِيراً) : أى سكن لهب النار. ومعناها كلما أكلت

__________________

(١) التوبة : ٨٣

(٢) التوبة : ٨٧

(٣) الأنعام : ١٠٠

(٤) الأنعام : ١٦٥

(٥) يوسف : ٥١

(٦) يوسف : ٨٠

(٧) الإسراء : ٩٧

٨٤

لحومهم فسكن لهيبها بدّلوا أجسادا أخر ، ثم صارت ملتهبة أكثر مما كانت. وهذه الآية كالتى فى النساء (١) : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها).

(خَرْجاً (٢)) : جباية. ويقال فيه خراج. وقرئ بهما ، فعرضوا على ذى القرنين أن يجمعوا له أموالا يقيم بها السد ، فقال : ما مكّنّي فيه ربّى خير.

وقيل : إن الخرج أخصّ من الخراج. يقال : أدّ خرج رأسك ، وخراج مدينتك. وأما قوله تعالى (٣) : (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً ، فَخَراجُ رَبِّكَ) ـ فمعناه أم تسألهم أجرا على ما جئت به فأجر ربك وثوابه خير ؛ لأنه يرزقك ويغنيك عنهم. وهذا كقوله : أم تسألهم أجرا ، فيثقل عليهم اتّباعك.

(الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ (٤)) : معناه أن الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال ؛ ففي ذلك ردّ على أهل الإفك ؛ لأن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أطيب الطيبين [١١٧ ا] وزوجته أطيب الطيبات.

وقيل : إن الخبيثات من الأعمال للخبيثين من الناس ، والطيبات من الأعمال للطيبين من الناس. وفيه أيضا ردّ على أهل الإفك ؛ لأن عائشة لا يليق بها إلا الطيبات من الأعمال ، بخلاف ما قاله أهل الإفك.

وقيل الخبيثات من الأقوال للخبيثين من الناس ؛ والإشارة بذلك إلى أهل الإفك ؛ أى أن أقوالهم الخبيثة لا يقولها إلا خبيث مثلهم.

__________________

(١) آية : ٥٦

(٢) الكهف : ٩٤

(٣) المؤمنون : ٧٢

(٤) النور : ٢٦

٨٥

(خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١)) : أى اختلاقهم وكذبهم. وقرئت خلق للأولين ؛ أى عادتهم.

(خبء) : مستتر. وقيل معناه فى الآية (٢) : الغيب. وقيل يخرج النبات من الأرض. واللفظ يعمّ كل خفى. وبه فسره ابن عباس.

(خَتَّارٍ (٣)) : غدّار. والختر أكبر الغدر ، وأكبر الغدر جحدان نعم الله.

(خاتَمَ النَّبِيِّينَ (٤)) : من أسماء نبينا ومولانا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقرئ بكسر التاء ، بمعنى أنه ختمهم فهو خاتم. وبالفتح بمعنى أنهم ختموا به ، فهو كالخاتم والطابع لهم.

فإن قلت : كيف كان خاتمهم ، وهذا عيسى ينزل فى آخر الزمان؟

فالجواب أنه عليه‌السلام ينزل مجدّدا لهذه الشريعة المحمدية ، كالمهدى الذى يكون قبله ، وكما جرت الحكمة فى أنه لا ينصر الرجل ولا يذبّ عنه إلا من كان من قرابته ، يبعث الله المهدى من ذريته عليه‌السلام ، كما قال : اسمه كاسمى ، ونسبه كنسبى ، ويمكث فى الأرض خمس سنين أو سبعا على اختلاف الروايات ، ثم يأتى بعده عيسى عليه‌السلام ليجدّد شريعته ، ويلتقى مع المهدىّ بالشام فيموت المهدى ، ويجدد عيسى عليه‌السلام هذه الشريعة المحمدية ؛ لأن نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتزوّج أمّه مريم فى الجنة ، فيكون عيسى ربيبا لنبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ ولذلك يقال لعيسى : تقدم للصلاة ، فيقول : إمامكم منكم ، يشير إلى أنه لم يأت بشريعة أخرى. وقيل : إنه عليه‌السلام طلب من الله

__________________

(١) الشعراء : ١٣٧

(٢) النمل : ٢٥

(٣) لقمان : ٣٢

(٤) الأحزاب : ٤٠

٨٦

أن يكون من هذه الأمة المحمدية لما علم من فضلها ، فأعطاه الله ذلك ، وبعثه فى آخرهم. فهنيئا لكم يا أمّة محمد بما خوّلكم الله من الفضل ، وخصّكم بهذا النبىّ الكريم ، عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم.

(خَرَّ مِنَ السَّماءِ (١)) : معناه سقط ؛ لأنه تمثيل للشّرك بمن أهلك نفسه أشد الهلاك.

(الخلف) (٢) : الردىء من الناس. ويقال فى عقب الخير خلف ـ بفتح اللام ، وفى عقب الشر خلف ـ بالسكون ؛ وهو المعنى هنا. واختلف من المعنىّ بذلك؟ فقيل : النصارى ، لأنهم خلفوا اليهود. وقيل : كل من كفر وعصى بعد بنى إسرائيل.

(خَمْطٍ (٣)) : الخمط : شجر الأراك. وقيل : كلّ شجرة ذات شوك.

(خَطِفَ الْخَطْفَةَ (٤)) ؛ أى خطفوه بسرعة واستلاب. والمعنى لا تسمع الشياطين أخبار السماء إلّا الشيطان الذى خطف الخطفة.

(خَوَّلَهُ (٥)) : أعطاه.

(خَيْراتٌ) : يريد خيّرات ـ بالتشديد ، جمع خيرة. وقال الزمخشرى وغيره : أصله خيرات ـ بالتشديد ، ثم خفف ، كميت. قالت أم سلمة : أخبرنى يا رسول الله عن قوله تعالى (٦) : (خَيْراتٌ حِسانٌ). قال : خيرات الأخلاق ، حسان الوجوه.

(خافِضَةٌ رافِعَةٌ (٧)) : تقديره هى خافضة رافعة ، فينبغى أن يوقف على ما قبله

__________________

(١) الحج : ٣١

(٢) الأعراف : ١٦٩

(٣) سبأ : ١٦

(٤) الصافات : ١٠

(٥) الزمر : ٨

(٦) الرحمن : ٧٠

(٧) الواقعة : ٣

٨٧

لبيان المعنى. والمراد بالخفض والرفع أنها ترفع أقواما إلى الجنة ، وتخفض أقواما إلى النار.

وقيل ذلك عبارة عن هولها ؛ لأن السماء تنشق ، والأرض تزلزل وتمتد ، والجبال تنسف ، فكأنها تخفض بعض هذه الأجرام وترفع بعضها.

(خَصاصَةٌ (١)) : حاجة وفقر. وأصل الخصاصة الخلل والفرج ، ومنه خصاص الأصابع ، وهى الفرج التى بينها. وفى هذه الآية مدح للأنصار ، كأنهم كانوا يؤثرون غيرهم بالمال على أنفسهم ، ولو كانوا فى غاية الاحتياج.

وروى أن سبب نزولها أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [١١٧ ب] لما قسّم هذه القرى على المهاجرين دون الأنصار قال للأنصار : «إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم ، وشاركتموهم فى هذه الغنيمة. وإن شئتم أمسكتم أموالكم وتركتم لهم هذا». فقالوا : بل نقسم لهم من أموالنا ونترك لهم هذه الغنيمة.

وروى أن سببها أن رجلا من الأنصار أضاف رجلا من المهاجرين ، فذهب الأنصارى بالضيف إلى منزله ، فقالت له زوجته : والله ما عندنا إلا قوت الصبيان. فقال لها : نوّمى صبيانك ، وأطفئ السّراج ، وقدّمى ما عندك للضيف ، ونوهمه نحن أنّا نأكل ، ولا نأكل ، ففعلا ذلك. فلما غدا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : عجب الله من فعلكما البارحة ، وتلا عليه الآية.

(خَسَفَ الْقَمَرُ (٢)) : بالخاء والكاف بمعنى ذهاب ضوئه ويقال خسف هو ، وخسفه الله.

وقيل : الكسوف ذهاب بعض الضوء ، والخسوف ذهاب جميعه.

__________________

(١) الحشر : ٩

(٢) القيامة : ٨

٨٨

(خاسِئاً (١)) : هو المنفّر عن الشيء الذى طلبه.

(خابَ مَنْ دَسَّاها (٢)) ؛ أى حقرها بالكفر والمعاصى. وأصله دسس بمعنى أخفى ، فكأنه أخفى نفسه لما حقرها ، وأبدل من السين الأخيرة حرف علة ، كقولهم : قصّيت أظفارى ، وأصله قصصت.

(خُطُواتِ الشَّيْطانِ (٣)) : آثاره.

(خُلَّةٌ (٤)) ـ بضم الخاء : مودة ؛ ومنه الخليل ، وجمعه أخلّاء. والخلّة الحاجة. وأما قوله : (وَلا خُلَّةٌ) ، فالمراد بها الدار الآخرة ؛ لأن كل أحد يومئذ مشغول بنفسه.

(خُوارٌ (٥)) : صوت البقر ، وكان السامرىّ قد قبض قبضة من أثر فرس جبريل يوم قطع البحر ، فقذفه فى العجل ، فصار له خوار. وقيل : كان إبليس يدخل فى جوف العجل ، فيصيح فيه فيسمع له خوار.

(خمرهن) (٦) : جمع خمار ، وهى المقنعة ، سميت بذلك لأن الرأس يخمّر بها ؛ أى يغطى ؛ وكل شىء غطيته فقد خمّرته. والخمر : ما واراك من شجر.

(خلطاء) : شركاء.

(خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ (٧)) ، جمع خشبة ، وشبّه المنافقين بالخشب المسنّدة فى قلّة إفهامهم ، فكان لهم منظر بلا مخبر ، ولما كانت الخشب المسندة لا منفعة فيها كانوا كأنها هم ، بخلاف الخشب المسقف بها أو المغروسة فى جدار فلها منفعة حينئذ.

وقيل : كانوا يستندون فى مجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فشبههم بالخشب المسنّدة.

__________________

(١) الملك : ٤

(٢) الشمس : ١٠

(٣) البقرة : ١٦٨

(٤) البقرة : ٢٥٤

(٥) الأعراف : ١٤٨ ، وطه : ٨٨

(٦) النور : ٣١

(٧) المنافقون : ٤

٨٩

(الخنس) (١) : يعنى الدرارى السبعة ؛ وهى الشمس ، والقمر ، وزحل ، وعطارد ، ومريخ ، والمشترى ، والزهرة ؛ وذلك أن هذه الكواكب تخنس فى جريها ؛ أى تتقهقر ؛ فيكون النّجم فى البرج فيكر راجعا ، وهى فى جوار الفلك.

(خِطْبَةِ) ـ بالضم : حمد وتصلية ودعاء. وبالكسر : تزويج. وفى قوله تعالى (٢) : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ) : غير المعتدة. وأما المعتدّة فيجوز لها التعريض ، كقوله : إنكم لأكفاء كرام ؛ وكقوله : إن الله يفعل معكم خيرا. وشبه ذلك.

(خِلافٍ (٣)) : مخالفة. ومنه : ((٤) فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ). ((٥) وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) ؛ أى بعدك : وأما قوله تعالى (٦) : (أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ) ـ فمعناه أن تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ، ثم إن عاد قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى. وقطع اليد عند مالك والجمهور من الرّسغ ، وقطع الرجل من المفصل ؛ وذلك فى فساد الدين وفى السرقة.

(خِزْيٌ) : هوان وهلاك أيضا.

(أَخْدانٍ (٧)) : جمع خدن ، وهو الخليل.

(خطب) : خبر. والخطب أيضا : الأمر العظيم.

(خُفْيَةً (٨)) ؛ من الإخفاء. وقرئ ـ خيفة ، من الخوف.

__________________

(١) التكوير : ١٥

(٢) البقرة : ٢٣٥

(٣) المائدة : ٣٣

(٤) التوبة : ٨١

(٥) الإسراء : ٧٦

(٦) المائدة : ٣٣

(٧) النساء : ٢٥

(٨) الأنعام : ٦٣

٩٠

(خَوْفاً وَطَمَعاً (١)) جمع الله الخوف والطمع ، ليكون العبد خائفا راجيا ، كما قال تعالى (٢) : (يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ) ؛ فإنّ موجب الخوف معرفة عقاب الله وشدة سطوته ، وموجب الرجاء معرفة رحمة الله وعظيم ثوابه ؛ قال تعالى (٣) : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ).

ومن عرف فضل الله [١١٨ ا] رجاه ، ومن عرف عقابه خافه ؛ ولذلك جاء فى الحديث : لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا ؛ إلا أنه يستحبّ أن يكون طول عمر العبد يغلب عليه الخوف ، ليقوده إلى فعل الطاعات وترك السيئات ، وأن يغلب عليه الرّجاء عند حضور الموت ؛ للحديث : لا يموتنّ أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله.

وأعلم أن الخوف على ثلاث درجات :

الأولى : أن يكون ضعيفا يخطر على القلب ولا يؤثّر فى الباطن ولا فى الظاهر ؛ فوجود هذا كالعدم.

والثانية : أن يكون قويا فيوقظ العبد من الغفلة ويحمله على الاستقامة.

الثالثة : أن يشتدّ حتى يبلغ إلى القنوط واليأس ؛ وهذا لا يجوز. وخير الأمور أوساطها.

والناس فى الخوف على ثلاث مقامات : فخوف العامّة من الذنوب. وخوف الخاصّة من الخاتمة. وخوف خاصة الخاصة من السابقة ؛ فإن الخاتمة مبنية عليها.

__________________

(١) الرعد : ١٢

(٢) الإسراء : ٥٧

(٣) الحجر : ٤٩ ، ٥٠

٩١

والرجاء على ثلاث درجات :

الأولى : رجاء رحمة الله مع التسبب فيها بفعل طاعته ، وترك معصيته ؛ فهذا هو الرجاء المحمود.

والثانية : الرجاء مع التفريط والعصيان ؛ فهذا غرور.

والثالثة : أن يقوى الرجاء حتى يبلغ إلى الأمن ، فهذا حرام.

والناس فى الرجاء على ثلاث مقامات :

فمقام العامة رجاء ثواب الله. ومقام الخاصة رجاء رضوان الله. ومقام خاصة الخاصة رجاء لقاء الله حبّا فيه ، وشوقا إليه.

(خِلالَ الدِّيارِ (١)) : أزقّتها. وخلال : مخالفة أيضا ؛ كقوله تعالى (٢) :

(لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ). وخلال السحاب وخللها : الذى يخرج منه المطر.

(خِلْفَةً (٣)) : أى يخلف هذا هذا. وقيل : هو من الاختلاف ؛ لأن هذا أبيض وهذا أسود. والخلفة : اسم للهيئة كالرّكبة والجلسة ؛ فالأصل جعلهما (٤) ذوى خلفة. لمن أراد أن يذّكر ؛ أى يعتبر فى المصنوعات. وقيل : يتذكر لما فاته من الصلوات وغيرها فى الليل يستدركه بالنهار ، أو فاته بالنهار فيستدركه بالليل ؛ وهو قول عمر بن الخطاب وابن عباس.

(خِتامُهُ مِسْكٌ (٥)) : أى آخر خاتمته وعاقبته إذا شرب ؛ أى يوجد فى آخره كشم المسك ورائحته ؛ يقال للعطار إذا اشترى منه الطيب اجعل خاتمه مسكا.

__________________

(١) الإسراء : ٥

(٢) إبراهيم : ٣١

(٣) الفرقان : ٦٢

(٤) جعلهما : أى الليل والنهار ـ الفرقان : ٦٢

(٥) المطففين : ٥٦

٩٢

وقيل : إنه يمزج الشراب بالمسك ، وهذا خارج عن الاشتقاق. وقيل : إنه من الختم على الشيء بمعنى جعل الطابع عليه.

والمعنى أنه ختم على فم الإناء الذى هو فيه بالمسك كما يختم على أفواه آنية الدنيا بالطّين إذا قصد حفظها وصيانتها.

وقرئ خاتمة ، بألف بعد الخاء ، وبفتح التاء وكسرها.

٩٣

حرف الدال المهملة

(داوُدُ) هو ابن إيشا ـ بكسر الهمزة وسكون التحتية وبالشين المعجمة ـ ابن عربد (١) ـ بوزن جعفر بمهملة وموحدة ابن باعر (٢) بموحدة ومهملة مفتوحة ابن سلمون بن نخشون (٣) بن عمى بن يا رب ـ بتحتية وآخره موحّدة بن رام ابن حضرون ـ بمهملة ثم معجمة ـ بن فارص ـ بفاء وآخره مهملة بن يهوذا ابن يعقوب.

وفى الترمذى أنه كان أعبد البشر ؛ ولهذا لما قال : يا رب ، كن لسليمان كما كنت لى. فقال له : قل لسليمان يكون لى كما كنت لى أكون له كما كنت لك. وكان يقول : يا رب ، كيف تغفر لمن عصاك وقد تجرّأ عليك؟ فلما وقع له من «الخصمان» ما أخبر الله به قال : «إلهى اغفر لمن عصاك لعلى أن ألحق بهم».

قال كعب : كان أحمر اللّون ، سبط الرأس ، أبيض الجسم ، طويل اللحية ، فيها جعودة ، حسن الخلق والصوت ، وجمع الله له النبوءة والملك ، وكان يأمر أن تسرج فرسه فيوحى له قراءة الزبور فيقرأه قبل أن يركب.

وقد قدمنا أن الله هيّأ لهذه الأمة المحمدية مثل ذلك فى قراءة هذا القرآن العظيم.

__________________

(١) فى الاتقان : عوبد ـ بالواو. وفى المحبر (٥) : عوبذ ـ بالواو والذال المعجمة.

(٢) فى المحبر : باعز ـ بالزاى.

(٣) فى الإتقان : يخشون. والمثبت في المحبر أيضا

٩٤

قال النّووى : قال أهل التاريخ : عاش مائة سنة ، مدة [١١٨ ب] ملكه منها أربعون سنة. وكان له اثنا عشر ابنا.

(دَابَّةٍ) : كل ما يدبّ على الأرض من حيوان وغيره. وأما قوله تعالى (١) : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) ؛ فهى تقوية لقلوب المؤمنين إذا خافوا الجوع والفقر فى الهجرة إلى بلاد الإسلام ؛ أى كما يرزق الله الحيوانات الضعيفة كذلك يرزقكم إذا هاجرتم من بلادكم.

(دأب آلِ فِرْعَوْنَ (٢)) : أى عادتهم. وفى تشبيه الآية تهديد ؛ أى دأب هؤلاء كدأب آل فرعون.

(دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ (٣)) ؛ أى منازل بعضها فوق بعض. والمعنى تفاوت ما بين منازل أهل الرضوان وأهل السخط ، أو التفاوت بين درجات أهل الرضوان ؛ فإنّ بعضهم فوق بعض ، فكذلك درجات أهل السخط. وكما أنّ أهل الجنة على درجات فكذلك أهل النار على دركات بعضها أسفل من بعض. ومنه (٤) : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) ؛ لأنها سبع طبقات. وفى الآية دليل على أنهم أسفل من الكفار. قال ابن عباس : الدرك الأسفل توابيت من حديد مبهمة عليهم ـ يعنى ـ أنها لا أبواب لها.

(دابِرُ الْقَوْمِ (٥)) ؛ أى آخرهم ؛ وذلك عبارة عن استئصالهم بالكلية.

(دارست) بالألف ؛ أى دارست العلماء وتعلمت منهم. ودرست (٦) بفتح

__________________

(١) العنكبوت : ٦٠

(٢) آل عمران : ١١

(٣) آل عمران : ١٦٣

(٤) النساء : ١٤٥

(٥) الأنعام : ٤٥

(٦) الأنعام : ١٠٥

٩٥

السين وإسكان التاء بمعنى قدمت هذه الآية ، ودثرت. ومعناه قرأت بلغة اليهود ، ومنه بيت المدارس ، أى القراءة.

(دلاهما بِغُرُورٍ (١)) ؛ أى أزلّهما إلى الأكل من الشجرة ، وغرّهما بحلفه لهما وقسمه أنه من الناصحين ؛ لأنهما ظنا أنه لا يحلف كاذبا ، فلما أكلا منها بدت لهما سوءاتهما ؛ أى زال عنهما اللباس ، وظهرت عوراتهما وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا لأحدهما من الآخر. وقيل : كان لباسهما نور يحول بينهما وبين النّظر.

(دَكًّا (٢)) : مدكوكا من الأرض ؛ فهو مصدر بمعنى مفعول ؛ كقولك : ضرب الأمير. والدّكّ والدق : أخوان ، وهو التفتّت. وقرئ دكّاء ـ بالمد والهمز ؛ أى أرضا دكاء ملساء. وناقة دكاء ، وهى المفترشة السنام فى ظهرها ، أو المجبوبة السنام.

(دارِ السَّلامِ (٣)) : يعنى الجنة ، وسميت بذلك لأنها سالمة من الفناء والتعب. وقيل السلام هو اسم الله ، وأضافها إليه لأنها ملكه وخلقه. ودوائر السلام التى تأتى مرة بخير ومرة بشر. يعنى ما أحاط الإنسان منه. وقوله (٤) : (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) ؛ أى يدور عليهم من الدهر ما يسوؤهم. ويحتمل أن يكون خيرا أو دعاء.

(دَعْواهُمْ فِيها (٥)) : أى يكون دعاؤهم فى الجنة سبحانك. والدعاء الادّعاء أيضا.

__________________

(١) الأعراف : ٢٢

(٢) الأعراف : ١٤٣

(٣) يونس : ٢٥

(٤) التوبة : ٩٨

(٥) يونس : ١٠

٩٦

(أَدْنى) له معنيان : أقرب فهو من الدنو ، وأقلّ فهو من الدنىء الحقير.

(دَأَباً (١)) : قد قدّمنا أن معناه عادة وجدّ. ومعناه أيضا الملازمة. ومنه سبع سنين دأبا ـ بسكون الهمزة وفتحها ، مصدر دأب على العمل إذا داوم عليه.

(داخِرُونَ (٢)) : صاغرون أذلّاء ، وجمع بالواو لأن الدّخور من أوصاف العقلاء.

(دَخَلاً بَيْنَكُمْ (٣)) : أى دغلا وخيانة ؛ وهذه الآية فيمن بايع النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وآمن به ، ثم رجع. وفى قوله (٤) : (فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها) ـ استعارة فى الرجوع من الخير إلى الشر ؛ وإنما أفرد القدم ونكّرها لاستعظام الزّلل فى قدم واحدة فكيف فى أقدام كثيرة!

(دَرَكاً (٤)) : إلحاقا ؛ أى لا تخاف أن يدركك فرعون وقومه ، ولا تخشى الغرق فى البحر.

(داحِضَةٌ (٥)) : باطلة زائلة ، وكذلك (٦) : (لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ) ؛ أى ليزيلوا به الحقّ ، ويذهبوا به. ويقال : مكان دحض ؛ أى مزل مزلق ، لا يثبت فيه قدم ولا حافر.

(دهر) : مرور السنين والأيام.

(دَيَّاراً (٧)) : من الأسماء المستعملة فى النفى ، يقال : ما فى الدّار ديّار ،

__________________

(١) يوسف : ٤٧

(٢) النحل : ٤٨

(٣) النحل : ٩٢

(٤) طه : ٧٧

(٥) الشورى : ١٦

(٦) الكهف : ٥٦

(٧) نوح : ٢٦

٩٧

أى ما بها أحد. وزنه فيعال ؛ وكان أصله ديوار ، ثم قلبت الواو [١١٩ ا] ياء وأدغمت فى الياء ، وليس وزنه فعّال ؛ لأنه لو كان كذلك لقيل دوار ؛ لأنه مشتقّ من الدوران.

وروى أن نوحا عليه‌السلام لم يدع على قومه بهذا الدعاء إلا بعد أن يئس من إيمانهم ، وبعد أن أخرج الله كلّ مؤمن من أصلابهم.

(أَدْبَرَ) فى قوله (١) : (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ). وقرئ دبر بغير ألف. والمعنى واحد ـ يقال دبر الليل والنهار ؛ أى جاء فى دبره ، وأدبر.

(دَحاها (٢)) : بسطها ؛ ولهذا استدلّ من قال : إنّ الأرض بسيطة غير كروية ؛ ولكن يفهم من هذه الآية أنّ الأرض خلقت قبل السماء. وفى آية فصلت السماء قبلها ؛ والجمع بينهما أن الله خلقها قبل السماء ، ثم (دَحاها) بعد ذلك.

فإن قلت : لم قال : أخرج (٣) ـ بغير حرف العطف؟

فالجواب : أن هذه الجملة فى موضع الحال ، أو تفسير لما قبلها ؛ قاله (٤) الزمخشرى.

(دَسَّاها) : أى أخفاها بالفجور والمعاصى. والأصل دسّسها فقلبت إحدى السينين ياء ، كما قيل تظنّيت.

(دمدم عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ (٥)) : عبارة عن إنزال العذاب بقوم صالح. وفيه تهويل

__________________

(١) المدثر : ٣٣

(٢) النازعات : ٣٠

(٣) فى قوله تعالى : أخرج منها ماءها ومرعاها (النازعات : ٣١).

(٤) الكشاف : ٢ ـ ٢٥٢

(٥) الشمس : ١٥

٩٨

عليهم وعلينا ؛ إذ لا يؤاخذ أحد إلّا بسبب ذنبه ، بل يؤخذ به البرىء والفاعل ، كما قالت عائشة : «أنهلك يا رسول الله وفينا الصالحون؟ قال : نعم ، إذا كثر الخبث».

قوله : (فَسَوَّاها). قال ابن عطية : معناه فسوّى القبيلة فى الهلاك. وقال (١) الزمخشرى والضمير للدمدمة ؛ أى سواها بينهم. اللهم لا تسو هذه الأمة بإنزال العذاب عليها بحرمة نبيها وشفيعها صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(دَعا) ورد على أوجه : العبادة (٢) : (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ). والاستعانة (٣) : (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ). والسؤال (٤) : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ). والقول (٥) : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ). والنداء (٦) : (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ). والتسمية (٧) : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ).

(دلوك الشَّمْسِ) : هو زوالها إلى أن تغيب ، والإشارة بهذا لصلاة الظّهر والعصر.

(دُرِّيٌّ (٨)) ـ بضم الدال وتشديد الياء من غير همز ، ولهذه القراءة وجهان : إما أن ينسب الكوكب إلى الدّرّ ، لبياضه وصفائه ، أو يكون مسهّلا من الهمز. وقرئ بالهمز وكسر الدال وبالضم والهمز ؛ وهو مشتق من الدّرء بمعنى الدّفع. وشبّه الزّجاجة فى إنارتها بكوكب درّى ؛ لأنها تضيء بالمصباح الذى فيها. وحكى أبو القاسم شيذلة أنّ معنى الدرّى المضىء بالحبشية.

(دُحُوراً (٩)) : أى طردا وإهانة وإبعادا ؛ لأن الدّحر الدفع بعنف.

__________________

(١) الكشاف : ٢ ـ ٥٤٧

(٢) يونس : ١٠٦

(٣) البقرة : ٢٣

(٤) غافر : ٦٠

(٥) يونس : ١٠

(٦) الإسراء : ٥٢

(٧) النور : ٦٣

(٨) النور : ٣٥

(٩) الصافات : ٩

٩٩

وإعرابه مفعول من أجله ، أو مصدر من (يُقْذَفُونَ) على المعنى ، أو مصدر فى موضع الحال ؛ تقديره مدحورين.

(دُخانٌ (١)) : روى أنه كان العرش على الماء ؛ فأخرج الله من الماء دخانا ، فارتفع فوق الماء ، فأيبس الماء ، فصار أرضا ، واشتدّ يبس الأرض ، فصار حجرا ، ثم خلق الله السماء فجعلها سبعة أجزاء ؛ جزءا منها ماء ، وجزءا قطرا ، وجزءا حديدا ، وجزءا فضة ، وجزءا ذهبا ، وجزءا لؤلؤا ، وجزءا ياقوتا أحمر ؛ فخلق سماء الدنيا من الماء ، ومن القطر (٢) الثانية ، والثالثة من الحديد ، والرابعة من الفضة ، والخامسة من الذهب ، والسادسة من اللؤلؤ ، والسابعة من الياقوت ، ثم فتقها فجعل بين كل واحد منها مسيرة خمسمائة عام.

نكتة : خلق من دخان واحد سبع سماوات لا تشبه إحداها الأخرى.

أعجب من هذا أنه أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ، فأخرج من قطرة المطر أنواع النّبات ؛ بعضها أحمر ، وبعضها أصفر ، وبعضها أخضر ، وبعضها أسود ، وبعضها [١١٩ ب] حلو ، وبعضها مرّ ، قال تعالى (٣) : (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ).

وأعجب من هذا نطفة وقعت فى رحم امرأة فصيّرها علقة ، وصيّر العلقة مضغة ، وخلق المضغة عظاما ؛ وخلق من نطفة ذكرا ، ومن أخرى أنثى ، ومن نطفة مؤمنا ، ومن أخرى كافرا ؛ ومن نطفة صالحا ، ومن أخرى طالحا ، ومن نطفة موفّقا ، ومن أخرى منافقا ؛ ومن نطفة موحّدا ، ومن أخرى معاندا ؛

__________________

(١) فصلت : ١١

(٢) القطر ـ بالكسر : النحاس الذائب ، أو ضرب منه.

(٣) الرعد : ٤

١٠٠